الحكومة الكويتيه تتنازل لمجلس الأمة ... عن صلاحياتها الدستورية






في سابقة لم تعرفها الحياة السياسية الكويتية وقد تكون لها انعكاسات سلبية على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها، اقدمت الحكومة على تغليب لغة المصالح الآنية على حساب مصلحة الكويت، وقدمت تنازلاً عن صلاحياتها الدستورية لمصلحة مجلس الأمة، بعدما قرر وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون البلدية عيسى الكندري تجاهل موقفي الهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الرافضين لاقتراحات التراجع عن قانون «خصخصة» الخطوط الجوية الكويتية، وفاجأ الجميع باعطائه المجلس تفويضا كاملا على بياض لاتخاذ ما يراه في شأن التراجع عن القانون من دون الرجوع الى الحكومة... بل ومنحه موافقة الحكومة المسبقة على ذلك بالقول حرفيا أنه «مع البرلمان اينما ذهب».

وقالت مصادر رفيعة المستوى لـ«الراي»: «رغم ان التعاون بين الحكومة والاقتراحات النيابية مطلوب، الا انه يصبح تجاوزا خطيرا ان تخطى الاجراءات القانونية والآراء الفنية لأهل الاختصاص، فالهيئة العامة للاستثمار، ومؤسسة التأمينات رفضتا اقتراحات بعض النواب للتراجع عن الخصخصة لان ذلك يخالف توجهات الدولة وتوصيات البنك الدولي، فضلاً عن تحميل الخزانة العامة للدولة المزيد من الأعباء المالية»، لكن الحكومة ممثلة بالكندري ضربت بعرض الحائط تحذيراتهما من «استحقاقات مالية ومواقف قانونية وتداعيات سلبية في المستقبل» في حال أقرت هذه الاقتراحات.

وبحسب إفادته الموثقة في تقرير للجنة المالية البرلمانية، حصلت «الراي» على نسخة منه، أبدى الوزير الكندري استجابة كاملة لقبول الاقتراحات النيابية، قائلا أنه «مع البرلمان اينما ذهب» كما لو كان يعرض شيكاً مفتوحاً يضمن تحمل الدولة الكلفة المالية الضخمة المتوقعة من ورائها.




وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية، ثبتت «هيئة الاستثمار» رأيها الفني من هذه الاقتراحات باعتبارها «تخالف التوجهات التشريعية في قانون خصخصة (الكويتية) وتوجهات الدولة وتوصيات البنك الدولي في شأن إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في دفع المشاريع الاقتصادية»، فيما رأت «التأمينات» بأنها «تحمل الخزانة العامة مزيداً من الأعباء المالية».

وبحسب التقرير المقرر أن تناقشه اللجنة المالية اليوم، تحفظت «الهيئة» على تخفيض أسهم «الشركة» باعتباره مخالفاً لقانون الخصخصة من خلال إيفاد النسبة المفترض طرحها في مزايدة عامة، «ما يعني خلو القانون من روح المنافسة»، فيما أبدت تحفظاً على «السهم الذهبي» الوارد ضمن التعديات المقدمة، والذي من شأنه منح الحكومة قوة تصويتية للاعتراض على قرارات مجلس الإدارة.

واعترضت «الهيئة» على تحمل الخزانة العامة كلفة اكتتاب الموظفين المنقولين للعمل في الشركة، ورفضت منح موظفين ميزة غير مبررة، فيما أبدت تحفظاً مع «التأمينات» على منح العاملين الكويتيين المنقولين إلى الشركة الجديدة مكافأة استحقاق تعادل الراتب الشامل لشهرعن كل سنة وبما لا يتجاوز 18 شهراً.

ورفضت «الهيئة» السماح بالجمع بين المزايا المقررة لموظفي الشركات التابعة لـ «الكويتية»، معتبرة أنه «من غير المعقول الموافقة على ذلك، إذ سيحصل موظف الشركة التابعة على مزايا تفوق موظف الشركة الأم، والإفراط في منح المزايا لن يزيد من الكفاءة».

ورفضت «الهيئة» أيضاً مقترحاً يجيز لمن أبدى رغبة في الانتقال من «الكويتية» إلى جهة حكومية أخرى بالتراجع عن رغبته لأنه «يحدث تمييزاً بين الموظفين».




ورأت «الهيئة» أنه «في المجمل الاقتراحات النيابية تؤدي إلى استحقاقات مالية ومواقف قانونية وتداعيات سلبية في المستقبل».

يذكر أن الحكومة قدمت مرسوم قانون للجنة المالية تطلب فيه سحب 600 مليون دينار من الاحتياطي العام للدولة لسداد ما تبقى من رأس مال شركة الخطوط الجوية الكويتية، وذلك لتعذّر تدبير المبلغ من الموارد الحالية للشركة.